احذر.. حشوات الأسنان ترفع مستوى الزئبق في دمك
قد تكون أخباراً سئية للكثيرين، خاصة ممن تمتلئ أسنانهم بنوع الحشوات المعدنية القديم؛ فقد أكدت أبحاث أنه إذا كان لديك أكثر من ثماني حشوات في فمك فسوف يؤدي ذلك إلى ارتفاع مستويات الزئبق في مجرى الدم، كما أشار فحص لنحو 15 ألف شخص إلى أن هؤلاء الذين تمتلئ أسنانهم بثماني حشوات معدنية تزيد نسبة الزئبق في أجسادهم إلى أكثر من 150% عن آخرين ممن ليس لديهم أي حشوات في أسنانهم.
يؤكد “لاي ين” – من جامعة جورجيا وأحد المشاركين في البحث– أن تسوس الأسنان هو أحد أكثر الأمراض المزمنة انتشارا، مُضيفا أن معظمنا لديه حشوات في أسنانه لكن المُعضلة تكمن في أننا لم نتطرّق أبدا إلى نوع المواد التي يستخدمها طبيب الأسنان في الحشو. وهنا يشير “ين” إلى نوع يُطلق عليه اسم “الحشوة المَلغمية أو الرمادية أو الفضية” وهي مادة رخيصة قوية ولونها فضي أصبحت معيارا لحشوات الأسنان للمائة وخمسين عاما الماضية وتحتوي على ما يقرب من نسبة 50% من مادة الزئبق.
بالتأكيد هذا ليس بالأمر الجيد؛ إذ أن ارتفاع مستويات الزئبق في الدم يؤدي إلى التسبب في الإصابة بعدد لا بأس به من الأمراض كتلف المخ، القلب، الكلى والرئة بالإضافة إلى تدمير الجهاز المناعي للإنسان، لكن لم تتم مناقشة هذا الأمر لأن نسبة وجود الزئبق في كل حشوة بشكل مستقل ليست كافية بالقدر الذي يتسبب في الإصابة بتك الأمراض.
فيما يرى “جون يو” – أحد أعضاء الفريق البحثي – أن الزئبق مادة سامة لكن الأمر في النهاية يعود إلى الكمية المستخدمة، لذلك إذا كان لديك حشوة واحدة فقط في فمك فلا توجد مشكلة لكنه يستطرد محذرا: “أما إذا كان لديك أكثر من ثماني حشوات فمن المتوقع أن ترتفع نسبة المخاطر المحتملة“.
ومن أجل الوصول إلى تلك النتائج، قام الفريق البحثي بمراجعة بيانات “استقصاء الصحة الوطنية وفحص التغذية” – وهو برنامج بحثي استقصائي يُعنَى بالحالة الصحية وأسلوب التغذية الخاص بالأطفال والبالغين بالولايات المتحدة – والتي شملت أكثر من 14 ألف حالة من خلال مقارنة عدد الحشوات التي يمتلئ بها الفم بمستويات الزئبق في مجرى الدم، وبصفة خاصة بالبحث عن نوع يسمى “ميثيل الزئبق” وهو النوع الأكثر سُمّيّة.
وقد تبيّن أن هؤلاء الذين يملكون ثماني حشوات داخل فمهم لديهم نسبة زئبق تزيد بنسبة 150% بمجرى الدم عن هؤلاء الذين ليس لديهم أي حشوات.
كما تبيّن من خلال البحث أن نحو 25% من الشعب الأمريكي لديه أكثر من 11 حشوة أسنان – فيما يملك الشخص العادي نحو ثلاث حشوات، إلا أنه لم يتم تحديد عدد الحشوات التي لها طبيعة معدنية.
كذلك أكد الفريق البحثي أن هذه النتائج تمثل أصدق تحليل لمستويات الزئبق المتعلقة بحشوات الأسنان حتى الآن؛ لأنها العينة الوحيدة التي وضعت في الاعتبار عوامل أخرى مثل العمر، النوع والعرق واستهلاك الأطعمة البحرية والتي يمكن أن يكون لها دور في تحديد مستويات الزئبق لدى الإنسان.
لكن الأمر الذي مايزال يخضع للفحص هو كيف تجد تلك النسب من الزئبق طريقها داخل مجرى الدم من خلال حشوات الأسنان؛ فوفقا للمركز الوطني الأمريكي للسموم فإن الزئبق عادة ليس له تأثير ضار إذا تم ابتلاعه بكمية قليلة لأن معدة الإنسان لا تمتصه لكن الخطر الحقيقي يحدث حين يتم استنشاقه وهو ما يسمح له بالدخول سريعا إلى مجرى الدم.
وهنا يؤكد أحد المسئولين بالمركز أنه بمجرد أن يدخل الزئبق إلى الرئة يتم امتصاص أبخرته المعدنية داخل مجرى الدم، مُضيفاً: “وقتها ينتقل الزئبق إلى كل أعضاء الجسد لكنه يشكل خطورة على المخ والكليتين. كما يمكن أن يمر عبر المشيمة وخلال الدورة الدموية للجنين كما يمكن أن يمر داخل حليب الأم“
مازلنا نحتاج إلى مزيد من الأبحاث لنكتشف كيف يمكن أن تؤدي الحشوات الفضية إلى زيادة مستويات الزئبق في مجرى الدم ولذلك فإن الاختيار الأفضل خلال الوقت الحالي هو اللجوء إلى مواد أخرى يمكن أن تستخدم كحشوات للأسنان ومنها “الحشوات الضوئية” والمتاحة لدى عدد كبير من أطباء الأسنان على الرغم من أنها ماتزال تخضع للفحص للوقوف على دورها في زيادة مستويات مادة ثنائي الفينول (BPA) في جسم الإنسان والتي قد تتسبب في حدوث اضطرابات بالغدد الصماء.
وهنا يؤكد الباحث “جون يو” أنه يجب أن يحصل الأطباء والمرضى على كافة الخيارات لأننا الآن لدينا نقطة انطلاق ممتازة يمكننا من خلالها أن نقيّم المخاطر المحتملة لمواد طب الأسنان على صحة الإنسان.